الشهيدة إيناس شريتح
شهادة كتبت بأحرف من مقاومة
مخيم اليرموك هو بداية الحكاية للشهيدة إيناس شريتح..,وقلبها ظل معلقاً في بلدتها (يطا) قضاء الخليل.في يوم فلسطيني عابق بذكريات العودة والتحرير ولدت إيناس في عام 1988 لتكبر في أسرة مناضلة اقتلعها الاحتلال ليشطب ذاكرة الانتماء لشعب لم تجعله أيام الغربة والحرمان إلا أكثر عناداً في مواجهة رواية النفي والاقتلاع.
درست في مدارس وكالة الغوث في مخيم اليرموك,وكانت من المتفوقين …كثيرة الأسئلة عن فلسطين,عن كل فلسطين,روحها التواقة للمعرفة والتعليم جعل منها فتاة تشعر بأهمية بناء ذاتها.
مرحلة الدراسة الجامعية في كلية الآداب قسم اللغة الانكليزية مرحلة جديدة في حياتها لتنشط أكثر في العمل الوطني,وتشارك في المسيرات الوطنية,وتتعرف أكثر على أهمية أن تكون مقاوماً بالكلمة بالموقف.
تقول والدتها : إيناس كانت كتلة توهج,تشارك في تشييع الشهداء,والمسيرات,تسأل عن كل صغيرة وكبيرة,تحاول أن تقدم ما يمكنها.أرفع رأسي باستشهادها وهي التي كانت تردد دائما…فلسطين تحتاج منا الكثير.
مسيرة العودة 15 أيار 2011 ومشهد البطولة واقتحام الحدود ايقظت في إيناس كل صور التشرد واغتصاب الأرض وهي التي تسجل في ذاكرتها كل أيام البطولة الفلسطينية والمواجهات التي سطرتها مخيماتنا الفلسطينية في الضفة والقدس وأرضنا في العام 1948.وحزمت أمرها في ذكرى النكسة – مسيرة العودة الثانية 6 حزيران 2011.تزنرت بالكوفية الفلسطينية مع حشود الشباب والشابات في مشهد المقاومة الذي أعلن أن لا تراجع عن وصايا الشباب الذين استشهدوا في 15 أيار 2011 –بشار حجو- قيس أبو الهيجاء- عبيدة زغموت لا تراجع عن الموقف في مواجهة كل روايات التزوير والاغتصاب لأرضنا في عالم ظالم لم ينصف شعبنا وحقوقه.
حشود بشرية تقدمت صوب الحدود في الجولان المحتل,والقاتل يتربص متأهباً ليطلق النار.لكن الاصرار والإيمان بالحق جعل منها تتقدم وتقتحم لأقرب نقطة.ليفتح الاحتلال نيران أسلحته.
كانت إيناس في مقدمة الصفوف تهتف للعودة لفلسطين,تهتف وفي عينيها كل صور التشرد والعذابات التي لم تبرح أيامها.
في لحظة الاقتحام للحدود تراءى لإيناس بيتهم في (يطا),ذكريات والدها,غربة طالت واشتدت,وكانت تحث الخطى وكأنها تقول:أضلعي امتدت لكم جسراً وطيد.وغافلتها الطلقات..طلقات الحقد …لترتقي شهيدة للعودة.
مخيم اليرموك الذي رافق سنوات عمرها,كان بانتظارها..بانتظار شابة علقت في كل حي أسئلة العودة…شابة لم تنتظر الجيوش والأوامر العسكرية لتقتحم بجسدها متاريسهم.حملها اليرموك على أكف أحبتها وهتفت لها الحناجر عروساً استعادت حرية الوطن في ساعات معدودة.
تركت إيناس سنواتها الأربع في جامعة دمشق لتنال شهادة كتبت بأحرف من مقاومة..معنى لا يعرفه إلا من حرم من أرضه.
دم الشهيدة ايناس شريتح وإخوتها في مسيرة العودة يشتعل اليوم في القدس في الضفة …في غزة في كل شارع وقرية فلسطينية….دم العودة التي لا ينفك شعبها يقاوم بما يملك من إرادة.
ليست هي الذكرى التي تعيد ايناس,بل الحضور المتجدد للشهداء…حضورهم اليومي وإن طال يوم المحتل.