شهداء فلسطين

الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود

فإمــا حيــاة تســر الصــديق   وإمــا ممــات يغيــظ العــدى

 

في بيت والد عشق فلسطين وكان  يومه ساحة للتوعية  ضد مشاريع البريطاني  ولد شاعرنا عبد الرحيم محمود- في ربيع عام 1913م في بلدة عنبتا،قضاء طولكرم الشاعر الذي جعل من الكلمة سلاحاً يلاحق المحتل والعصابات الصهيونية لكشف المخطط الذي كان يتصاعد لاغتصاب فلسطين.

حياة الشاعر المقاوم عبد الرحيم محمود أنموذجاً للمثقف الذي قرن القول بالفعل.فكان صدى كلماته ترجمة حرفية لنضاله اليومي,وهو الذي عُرِفَ بحبه الشديد لوالده،والتعلق به والحرص على حضور دروس العلم، وحلقات التفسير والفقه والسيرة النبوية الشريفة.أنهى دراسته الابتدائية في مدارس بلدته عنبتا،والمتوسطة في مدارس طولكرم،ثم النحو بكلية النجاح في مدينة نابلس – جامعة النجاح الآن – وحصل منها على أعلى الشهادات في فلسطين أيام الانتداب البريطاني.

مقارعته للاحتلال البريطاني بدأت منذ صغره,وهو الذي تعلم معنى أن تكون فلسطينياً – مقاوما,فالتحق بالشباب الفلسطيني لمواجهة البريطاني والعصابات الصهيونية.فقد  شارك في كل المعارك التي خاضها الشهيد الشيخ الجليل عز الدين القسام القادم من الساحل السوري من مدينة جبلة..,و في تشييع الشهيد عز الدين القسام ورفاقه الذين استشهدوا في  19/11/1935 في يعبد وظلوا يقاتلون حتى الرمق الأخير – بكى الشهيد عبد الرحيم محمود وقلبه يردد دمكم أمانة في أعناقنا.

صرخة الشهيد القسام “موتوا شهداء” كانت تلاحقه في كل لقاءاته التي كرس جُلَ وقته لفضح المخطط الصهيوني..,أشعاره كانت تحرض وتستشرف المستقبل,وتدعو إلى مواصلة المقاومة والتنبيه بخطورة المشروع الصهيوني.

بعد أن خفت صوت الإضراب الكبير  وهدأت  معه نيران الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1939م – الثورة التي كان من أحد قيادتها,بدأ الانكليز يبحثون عنه لتقديمه للمحكمة,ولم يتمكنوا من العثور عليه.ولأنه قرأ  قراءة عميقة للمعركة القادمة،وحشد للطاقات غادر إلى دمشق ثم إلى بغداد ليتلقى العلوم العسكرية وحصل  على أعلى الشهادات العلمية،فالتحق بالكلية الحربية في بغداد وتخرج منها،برتبة ملازم ثانٍ،وهناك تعرف إلى القائد الشهيد عبد القادر الحسيني.

مع صدور قرار التقسيم في عام 1947 واشتداد الهجمة الصهيونية دعا هو وأصدقائه للنفير العام واشترك في عدة معارك منها:معركة بيار عدس،ومعركة رأس العيد التي استشهد فيها قائد لواء مدينة اللد الشيخ حسن سلامة في 3/6/1948.واصل الشاعر الشهيد قتاله ضد العصابات الصهيونية,وحرض الشباب للانخراط ..,وكان على تواصل مع الثوار في عموم فلسطين.

وصل للشهيد الشاعر خبر مهاجمة بلدة الشجرة – القريبة من مدينة الناصرة و توجه مع رفاقه مسرعاً إليها،وهناك تولى قيادة المجاهدين فيها.وكان يتفقد صفوفهم ويسارع إلى سد الثغرات حيث وجدت وظل يقاتل حتى آخر طلقة،إلى أن استشهد يوم الثلاثاء 13 تموز 1948.

الشاعر الشهيد الذي قدم روحه لأجل فلسطين وحريتها أدرك مبكراً أن مواجهة هذا المشروع الاستيطاني يحتاج إلى إيمان الشباب العربي والفلسطيني بالمقاومة التي هي وحدها تستعيد الأرض فكتب:

ســأحمل روحــي عـلى راحـتي  وألقــي بهـا فـي مهـاوي الـردى

فإمــا حيــاة تســر الصــديق   وإمــا ممــات يغيــظ العــدى

ونفس الشـــريف لهــا غايتــان ورود المنايـــا ونيـــل المنــى.

الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود لم يترك مناسبة إلا وكتب فيها…. وبين التآمر على فلسطين وشعبها ودعا للمقاومة وبذل الروح لأجل فلسطين ومقدساتها.

سيبقى الشاعر الشهيد  المقاوم عبد الرحيم محمود- سليل عائلة المقاومة اسما عالياً..ملهماً للأجيال الفلسطينية في التضحية___ ملهماً للعلم والثقافة ودورهما في بناء شخصية الفلسطيني الواعي والقادر على المواجهة في قراءة للمخاطر التي تتهدد قضيته وشعبه.

زر الذهاب إلى الأعلى