الذكرى ال15لاستشهاد القائد عماد مغنية
الذكرى ال15لاستشهاد القائد عماد مغنية
في ذكراك حاج رضوان “عهداً منا دمك سيظل منارة درب الانتصار سيبقى الشهيد عماد مغنية حاضراً
في أيام المقاومة وبطولتها ___ سيبقى حاضراً في ذاكرة كل مقاوم آمن بتحرير فلسطين واستعادة
الحق_ سيبقى صوته هادراً في أيام الغضب حين تشتد فيها سواعد الرجال في مواجهة كيان الاغتصاب.
ميلاد الشهيد
أبصرت عينا الشهيد النور في حي “الجوار” بمنطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت في 25- 1- 1962
لتبدأ قصة عاشق يسجل التاريخ اسمه في صفحات المجد مكللاً بغار الانتصارات، والده فايز مغنيّة، وأمّه آمنة
سلامة. وفي مدارس ذلك الحي، تلقّى علومه الابتدائية والإعدادية وعاش مع عائلته التي فقدت أيضاً الابنين
الآخرين جهاد وفؤاد.
عندما بلغ الثالثة عشرة من العمر، قرر عماد المتأثر كثيراً بعلوم أمّه الدينية، التوجه إلى العراق حيث الحوزة
العلمية في النجف الأشرف. لكن حصل في اللحظة الأخيرة ما عطّل الرحلة.
بدأ الحياة العسكرية
في 13 نيسان من عام 1975 اندلعت شرارة الحرب الأهلية في لبنان من ساحة «البريد» في عين الرمانه، على
بعد 50 متراً من مطعم أبيه، وحينها بدأت حياته العسكرية. تحوّل طريق «صيدا القديمة»، الفاصل بين الشياح وعين
الرمانة، إلى جبهة ساخنة كثرت فيها السواتر الترابية والكتل الخرسانية والمتاريس. في عين الرمانة كان مقاتلو
الكتائب والأحرار، وفي الجانب الآخر مقاتلو الحركة الوطنية والفصائل الفلسطينية. هناك تسنّى لعماد وهو بعمر
الرابعة عشرة الاختلاط والتعرف إلى اليسار بفصائله وأفكاره المتنوعة.
الشهيد عماد منفتح على الجميع
صادق الشيوعيين وقرأ أفكارهم، وكان لافتاً اهتمامه بتروتسكي. واختلط بالقوميين السوريين الاجتماعيين
فأعجبَهُ عمقهم وانضباطهم. لكن كل ذلك لم يدفعه للانتماء إلى أي من الأحزاب اللبنانية. وأمضى أيامه ولياليه،
مثل كل الفتية في الشياح، يتنقّل من محور إلى محور، ولصغر سنّه اقتصرت مشاركاته على بناء السواتر الترابية
لحماية المدنيين من نيران القناصة، ثم صار يشارك في الحراسات الليلية حيث تعرف إلى المقاتلين الفلسطينيين،
وسمع منهم الحكايات عن بلادهم. أما والدته، فكان لها نصيبها الليلي من المشقّة باحثةً عنه تتقفى أثره من
محور إلى آخر، فتعيده الى المنزل ليلاً ليعود ويغادره صباحاً، ولا يعود إلّا برحلة تقفّي أثر جديدة للحاجة آمنة.
تلك السيدة التي لم تكن تدرك ما سيأتيها لاحقاً.
عائلة الشهداء
ففي حزيران من عام 1984 شيّعت الحاجة آمنة والحاج فايز ابنهما الأصغر، جهاد الذي استشهد في قصف مدفعي
استهدف منزل العلّامة محمد حسين فضل الله في بئر العبد. وبعد عقد من الزمن شيعت الحاجة آمنة والحاج فايز
ابنهما الأوسط فؤاد، الذي كان ضمن تشكيل المقاومة، وقد اغتالته الاستخبارات الإسرائيلية بعبوة ناسفة في
منطقة الصفير بالضاحية الجنوبية. كذلك لم تدرك الوالدة ما خبأته لها الأقدار بشهادة ثالث أبنائها، بكرها الحاج
عماد عام 2008.وفي عام 2015 استشهد نجله جهاد عماد مغنية مع خمسة رفاق له من بينهم القيادي
في حزب الله في غارة إسرائيلية على موكب لهم في القنيطرة .
عماد وفتح :
في مركزية فتح في الشياح، كان يقيم أبو حسن خضر سلامة (الشهيد علي ديب الذي اغتالته إسرائيل
عام 1999)، وكان يعرف أيضاً بـ«أبو حسن البلاتين»، نسبةً إلى قضبان البلاتين المزروعة في أنحاء عدة
من جسده نتيجة الإصابات المتكررة. أعجب الشاب اللبناني بعماد، ووجد فيه شاباً مناسباً للعمل المتطور.
وفي وقت قصير، قرر أبو حسن تعيين عماد نائباً له.
الاجتياح الإسرائيلي :
في حزيران من عام 1982 حصل الاجتياح الإسرائيلي للبنان وكان الحاج عماد يتنقّل من محور الى آخر،
من خلدة الى كلية العلوم جنوب شرق بيروت، الى الكوكودي غرب الضاحية الجنوبية لبيروت، الى شاتيلا
حيث أصيب في إحدى المواجهات بقدمه إصابة أقعدته في الفراش لفترة وجيزة، استأنف بعدها نشاطه مع
الشهيد أبو جهاد (خليل الوزير) الذي كانت تربطه به علاقة وثيقة.
بعدما غادر القادة الفلسطينيون وفصائل الثورة الفلسطينية بيروت، تسنّى للحاج عماد معرفة مخازن أسلحة
كثيرة. يومها، كوّن الحاج عماد مع رفاقه النواة الأولى لما بات يعرف لاحقاً بالمقاومة الإسلامية.
وألّفت مجموعات للمقاومة في بيروت والبقاع الغربي والجنوب، بدأوا بشن سلسلة عمليات على دوريات
للعدو، ونصب الكمائن وقنص الجنود وقصف التجمعات بالصواريخ.. إلى أن كانت باكورة العمليات النوعية
للمقاومة الإسلامية بتاريخ 11/11/1982 حيث دمّر مقرّ الحاكم العسكري في مدينة صور في جنوب
لبنان في عملية للاستشهادي أحمد قصير.
في تلك الفترة، لم ينقطع الحاج عماد عن أجواء الفصائل الفلسطينية، وبعد ترحيل قادة وكوادر ومقاتلين إلى
تونس واليمن والسودان وانكفاء آخرين إلى سهل البقاع، بدأ الشرخ يبرز في العلاقات في ما بينهم، وشعر
الحاج عماد بأنّ في مقدوره أداء دور توفيقي، فسعى إلى دفعهم نحو عمل مشترك بوجه إسرائيل فقط.
وبحكم علاقته ومعرفته عن قرب بالكثير من المناضلين، قاد الحاج عماد عمليات مشتركة نفّذها مقاتلون
من أحزاب لبنانية وآخرون فلسطينيون ومجموعات من المقاومة الإسلامية، وساهم الحاج عماد في تسليح
العديد من فصائل المقاومة الوطنية والفلسطينية وتوفير الدعم اللوجستي لهم.
مع أبو عمار وأبو جهاد :
كان لشخصية الحاج عماد وقع محبّب ومكانة خاصة لدى الزعيم الفلسطيي الراحل ياسر عرفات، أبو عمار.
حظي باحترامه وثقته رغم التباين الواسع في كثير من التوجهات والاقتناعات والرؤية في ما يتعلّق بأولويات
الكفاح المسلح في مواجهة العدو. كان أبو عمار حريصاً على التواصل معه والوقوف على آرائه، وقد كان
للحاج أبو حسن سلامة دور كبير في هذا المجال، إذ كان بمثابة الرسول بين الاثنين، فكان يلتقي بأبي
عمار حاملاً رسائله الى الحاج، سواء أكان في تونس أم في اليمن أم في مصر، وكم كان يحلو لأبي
عمار أن يخاطب الحاج عماد في رسائله «ولدي العزيز».
أمّا أبو جهاد، خليل الوزير، فلم تنقطع العلاقة بينه وبين الحاج عماد حتى تاريخ استشهاد أبو جهاد في
تونس، وقد كان قناة ورسولاً خاصاً بينهما، ولا أحد يعرف متى يحين الوقت للحديث عنها. يقول الحاج
عماد: «كنت أعرف أنه لن يوافق على تسوية تطيح الحق الفلسطيني.
وكلما كانت تطوّرات المواجهة بيننا وبين العدو تتقدّم صوب قرار إسرائيلي بالانسحاب من لبنان، كان «الختيار»
يرسل الإشارات إلى الرغبة في الاستعداد لجولة جديدة من المواجهة مع الإسرائيليين في الداخل.
صار أكثر اقتناعاً بالحاجة إلى استئناف العمل العسكري. أصلاً لم ينقطع التواصل معه. مرّت العلاقة بفترة
عصيبة إثر اتفاقية أوسلو، لكننا كنا نعرف ماذا يجري من حوله، وكان هو يهتمّ بالاحتفاظ بصلة الوصل،
كعادته، لم يكن يريد أن يقطع مع أحد. كان يقصد أحياناً شرح الموقف، وبعد انسحاب العدو من لبنان
عام 2000، جاءت الرسالة الأساسية منه: أريد دعماً لوجستياً».
هدف حزب الله واضح، وهو إزالة إسرائيل
بعد ذلك شرع الحاج رضوان بالحديث عن فلسطين. قال إن هدف حزب الله واضح، وهو إزالة إسرائيل.
«ليس في الأمر جدل ولا مساومة، ونحن غير معنيين بأي قرار يتخذه أي طرف في العالم لمنح إسرائيل
شرعية البقاء. ونحن لا نتحدث عن شيء غير واقعي. وإلى جانب اقتناعاتنا الدينية، لدينا الكثير من الأسباب
العلمية التي تدفعنا الى الاقتناع أكثر، بأن زوال إسرائيل مسألة مرتبطة بما نفعله نحن، أهل فلسطين
داخلها وفي محيطها وفي العالم العربي والإسلامي».
الحضور الميداني في فلسطين
للحاج رضوان علاقة خاصة مع قيادات حماس والجهاد الإسلامي. كان حازماً في توفير الدعم المالي
والإعلامي لانتفاضتي فلسطين ونسج علاقة متينة مع الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي، الأمين
العام السابق لحركة الجهاد. ثم ارتبط الحاج عماد بعلاقة وثيقة مع الدكتور رمضان عبد الله شلح
الأمين العام للجهاد بعد الشقاقي، وبنى علاقات استثنائية مع قيادات حماس في الداخل والخارج،
حتى إن البعض لا يعرف ربما، أن الحاج عماد، قبيل استشهاده بساعات، كان في اجتماع مع خالد
مشعل في حضور قياديين من الحركة في دمشق.
دعمه المباشر للفصائل الفلسطينية
وللتوضيح بعد استئناف التواصل مع أبو عمار، لم يغفل الحاج عماد الحاجة إلى حضور مباشر
لمقاومين في الميدان.كان بالإضافة الى تعاون وثيق ومميز مع حماس والجهاد، يعمل على تأمين
انتقال كوادر ومقاتلين من داخل فلسطين الى سوريا ولبنان وإيران لإخضاعهم لدورات عسكرية
ومنحهم المعرفة والخبرة والدراسات اللازمة، ثم العمل على إعادتهم إلى الأراضي المحتلّة.
وقد طوّرت قوى المقاومة في فلسطين آليات النقل هذه، برغم الحصار الذي كان النظام الأمني
لحسني مبارك يفرضه عليهم.
والجدير بالذكر أن تطور عمل حماس والجهاد داخل فلسطين ، ونشوء العديد من التشكيلات النضالية
والجهادية شكل دافعاً مهمّاً للحاج إلى التطوير، وتفرغ لإعداد الخطط والبرامج لدعم هذه الفصائل ، كما
شرع في توفير مستلزمات مواجهة العدو تدريباً وتسليحاً ودعماً لوجستياً ومادياً، فأنشأ داخل المقاومة
الإسلامية تشكيلاً خاصاً لفلسطين، وفّر له المستلزمات المطلوبة، وكان همّه تدريب الشباب الفلسطيني
وإيصال السلاح إلى فلسطين.