الذكرى الرابعة لاستشهاد محمد عاشور النجار
الميلاد والنشأة
ولد الشهيد في منطقة معن في خانيونس جنوب قطاع غزة، في التاسع والعشرين من شهر يناير من العام 1985م.
غلبت على طباعه في فترة الطفولة صفات النشاط والحيوية، وعرف بقدرته على التخلص من كل مشكلة يواجهها بسهولة ويسر.
تميز محمد بحسن الخلق وسعة الصدر وتلبية حاجيات والديْه، والحرص على إدخال السرور على قلب أهله.
تعليمه
تفوق في مراحل دراسته الأساسية أكاديميًا واجتماعيًا، فعرف عنه اهتمامه بأصدقائه وزملائه، وحرصه على طيب علاقته مع معلميه.
وفي مرحلة الدراسة الجامعية، التحق شهيدنا محمد بكلية الهندسة قسم المعدات الطبية في جامعة مصر بالقاهرة، وكانت هذه الفترة في حياته من أصعب الفترات التي ابتلي فيها بضيق العيش وتعب الدراسة؛ بسبب مطاردة نظام مبارك له، حيث سجن أكتر من 7 مرات، ختمت بأن يُرحَّل من مصر في آخر دراسته بعد سجن 5 شهور عذب فيها أشد العذاب.
حاول أن يكمل دراسته في جامعات غزة لكنه لم يتمكن من ذلك، حتى سقط النظام المصري آنذاك، ورجع إلى مصر مكملًا دراسته ليعود بعدها إلى غزة، مارس عددًا من المهن، وفي كل عمل يقوم به كان لا يستهين أو يقلل من شأن أحد، ولا يدخل أي عمل فيه شبهة حرام، كان عفيف اللسان مهما كان ضغط العمل.
في ركب الدعوة
ارتبطت حياة محمد بالمسجد منذ مرحلة مبكرة من نشأته، فكان يلتزم بالصلوات الخمس، مبديًا حرصه على صلاة الجماعة في المسجد، كما التزم بحلقات التحفيظ، غير قاصرٍ على ذلك بل كان يشارك في أنشطة المسجد، وخاصة نشاطات اللجنة الثقافية ليصبح ذات يوم أميرًا لمسجد الفاروق ومحفظًا للقرآن ومرتبًا لكثير من الدروس والندوات.
ولطيب خلقه وحرصه على خدمة دين الله والجهاد في سبيله، انتخبه إخوانه ليكون في صفوف حركة المقاومة الإسلامية حماس، فكان نِعمَ العامل، وبرز في الجانب الدعوي حتى تم تكليفه بمتابعة عدة أسر دعوية.
لم يترك الشهيد سبيلًا يستطيع من خلاله أن يخدم دينه إلا وسار فيه، فانضم إلى صفوف كتائب الشهيد عز الدين القسام مع بدايات العام 2012م.
حجز محمد مقعده في المقدمة عند كل تكليف يُناط إليه من إخوانه في العمل العسكري، ليبدأ مشواره الجهادي عنصرًا وينتقل بعدها ليكون أميرًا لزمرة قتالية، وأثناء معركة العصف المأكول تعرض قائد مجموعته لإصابة بالغة، فكلفه إخوانه بقيادة المجموعة حتى استشهاده.
عمل الشهيد في مجال حفر الأنفاق، لم يكن ذلك فحسب بل تقدم مواقع الرباط رغم أنه كان معفى من ذلك، وكان يستغل ساعات الرباط ناصحًا عناصر مجموعته بالخير، ناثرًا طيب القول بينهم.
اجتاز محمد عددًا من الدورات، منها دورة إعداد مقاتل، ثم دورة في تخصص الهندسة، ثم دورة مغلقة لرفع الكفاءة القتالية، وكذلك دورة مغلقة في تخصص صف قادة الزمر والمجموعات، وأظهر تميزًا في تخصص هندسة المتفجرات.
بمحمد وأقرانه، سطرت المقاومة أروع البطولات في حربها المفتوحة مع العدو، وكان لسلاح الأنفاق دورٌ بارز في ذلك، كيف لا وشهداء الإعداد يتصاعدون تترى نحو الجنان راسمين لإخوانهم خارطة الوصول نحو القدس.
على موعد
استشهد محمد إثر انهيار نفق للمقاومة أثناء عمله فيه في الثالث والعشرين من يناير من العام 2015م، لاحقًا بركب رجال الأنفاق، الرجال الذين عشقَ المجدُ اسمهم حتى استعجل أن تسطر الأبجدية الحمراءُ سيرتهم، الرجال الذين استعذبوا المتاعب حتى صُهرتْ في عزمهم فغدت حوافز، هجروا الوسائد متكئين على باطن الأرض، أسروا لها شوقهم للجنان فضمتهم حبيْباتها صاعدةً بأرواحهم نحو العلياء.