ففي مثل هذا اليوم من شهر أبريل لعام 2002م، تمكن الاستشهادي المجاهد راغب أحمد جرادات من اختراق التحصينات الأمنية وخرق أسوار العدو الصهيوني الواقية وتنفيذ عمليته الاستشهادية التي هزّت مدينة حيفا شمال فلسطين المحتلة، موقعةً 8 قتلى وإصابة 20 آخرين.
تفاصيل العملية
بينما كان المقاتلون الفلسطينيون في مخيم جنين يخوضون أعنف المعارك مع وحدات جيش العدو المختارة التي كانت تشن هجمات وحشية على المخيم الذي أفشل الحسابات والخطط الصهيونية ورغم عمليات القصف للطائرات والدبابات التي أوقعت عدداً من الشهداء والجرحى، وفي الوقت الذي كان فيه قادة الأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية الصهيونية يحاولون طمأنة الشارع الصهيوني بانتهاء العمليات الاستشهادية في الداخل لأن مخيم جنين يخضع لحصار مشدد والجيش يقوم بضرب وتصفية قواعد المجاهدين الذين يرسلون الاستشهاديين.
وبتاريخ 10 – 4 – 2002م وخلال الاجتياح الصهيوني الكبير لمخيم جنين،انطلق الاستشهادي المجاهد راغب جرادات من وسط معركة جنين وتحدى كل الإجراءات الصهيونية، وخرق أسوار العدو الواقية وكل احتياطاته العسكرية وهو يرتدي ملابس جندي صهيوني وهبط في أكثر الأماكن أمنا وحراسة في وسط حيفا وصعد حافلة تقل جنوداً وضباط، وفجر جسده الطاهر ليؤكد أن إرادة الفلسطيني واستعداده للتضحية والفداء أكبر وأقوى من كل الإرهاب الصهيوني، وأدت العملية حسب اعتراف العدو الصهيوني لمقتل 8 صهاينة وإصابة 20 آخرين، من بينهم عقيد في الجيش يعمل مديراً في سجن مجدو و4 ضباط تحقيق في سجن الجلمة برتبة ميجر.
الاستشهادي راغب جرادات
ولد الاستشهادي المجاهد راغب أحمد جرادات في الثامن 18/12/1984م، وهو الثالث من أفراد عائلته، وتعلم في مدارس سيلة الحارثية، حيث عرف باجتهاده فكان يحصل على المرتبة الأولى دوماً ويتفاخر به معلميه كما أسرته لحسن سلوكه وأخلاقه وتفوقه، وحرص والده على تربية أبناءه تربية إسلامية صالحة وزرع روح الانتماء الصادق للوطن ومنذ صغره عرف الطريق للمسجد ونشأ على طاعة الله وحفظ أجزاء كثيرة من القرآن الكريم.
كان الشهيد راغب مداوماً على الصلاة و العبادة ويتنقل في مساجد المخيم، وكان كثيراً ما يجلس في حلقات الذكر وتعليم القرآن بالمسجد، كما كان شهيدنا صواماً، قواماً، قارئاً للقرآن، يحب الجميع والجميع ينظر إليه بنظرات الخير والمحبة، طيب المعشر لا يتوانى عن فعل الخير والتعاون مع الصغير والكبير في قريته حتى حظي بمكانة خاصة ومميزة لدى الجميع.
انخرط الاستشهادي راغب جرادات في صفوف الإطار الطلابي لجهاد الإسلامي فساهم في نشر رسالة الإيمان والجهاد والمقاومة وشارك في كافة الأنشطة الطلابية والاجتماعية والوطنية وقاد المسيرات والتظاهرات بفعالية وتأثر بشكل بالغ بعد استشهاد ابن قريته الشهيد سليمان طحاينة الاستشهادي الأول الذي نفذ عملية جريئة في القدس مع الاستشهادي يوسف الزغير، وقاد المسيرة التي نظمت للشهيد طحاينة، وألقى فيها كلمة دعا فيها كل فلسطيني لحمل راية صالح والجهاد لمحاربة العملاء ومقاومة الاحتلال.
وانتمى الاستشهادي جرادات لحركة الجهاد الإسلامي وجناحها العسكري سرايا القدس وكرّس كل لحظة في حياته للجهاد والجهاد في سبيل الله حتى نيل الشهادة، وكان شعلة عطاء ونشاط لا يتعب أو ييأس يعمل ليل نهار روح الإيمان والجهاد تتجسد في كل كلمة وخطوة فهو شهيد مع سبق الإصرار.
ومع اندلاع انتفاضة الأقصى تغيّر الاستشهادي راغب كثيراً وأصبح أكثر عطاءً وعنفواناً فتوجّه للقائد الكبير محمود طوالبة عدة مرات وطلب منه مساعدته لتنفيذ عملية فتقرب منه وأصبح تلميذاً مخلصاً لطوالبة فتأثر به كثيراً وعندما جاء نبأ استشهاده في معركة مخيم جنين لم ينتظر وبعد يومين توجّه إلى مدينة حيفا وأبى إلا أن يثأر لاستشهاد معلمه محمود طوالبة ولمجزرة مخيم جنين.