أم الشهداء سعاد صنوبر(جودالله)
يكمن في حب الوطن والانتماء الصادق كل معاني التضحية والفداء، ومن أجله تقدم له الروح والأبناء والأمهات. ولايمنع من ذلك شي بل ويكون هناك سباق فيمن يكون الأول في المقاومة والجهاد.هكذا هو الحال في منزل أم محمد “سعاد صنوبر”.
وُلدت الشهيدة سعاد صنوبر في مدينة نابلس بتاريخ 24-4-1956، ونشأت في بيت علمٍ ودين. عُرِفت بذكائها، فقد أكملت دراستها لتحصل على شهادة الدبلوم في المحاسبة. تزوّجت أم محمد عام 1978، فكانت مثالاً للزوجة الصالحة، وقد رزقت بخمسة أبناء هم: محمد، وأحمد، وعبد الله، وأنس، وياسر.
عاشت حياتها الست والأربعين مجاهدة مؤمنة وصابرة. ربّت أبناءها على حبّ الدين والوطن والجهاد، وزرعت في نفوسهم مفاهيم العزة والكرامة. فأنبت جهدها ثمرة طيبة، فكان ابنها الشهيد المجاهد أحمد الذي سبقها بثلاثة أشهر إلى جنان الخلد بعد أنْ أذاق العدو ألوان العذاب.
نالت لقب “أم الشهداء” وذلك لأنها لم تكن أم لأبناءها فقط بل وقد كانت أم لأصدقاء ابنها أحمد من المجاهدين والشهداء (علاء مفلح، وسامح الشنيك، وأيمن الحناوي)، حيث كانت تهتم بهم وتعد الطعام وتودعهم بالدموع والدعاء قبل كل عملية تُنفذ ضد العدو والغاصب.
ولدها الحبيب (أحمد جود الله) شهيد:
عرفت علاقتها المميزة بولدها أحمد لما كان يتمتع من جرأة وشجاعة، وحنانه وعطفه عليها. كان دائم القول بأنه لن يمكث طويلاً، وإيمان أمه بما يفعل كانت تجيبه: “يابني .. إني قد وهبتك لله تعالى”. وكانت توصيه قائلة: “بالله عليك يا أحمد لا تمت إلا ميتة مشرفة ترفع الرأس، لا أريد أن أسمع أنك استشهدت أثناء تحضير عبوة ناسفة أو بعيار طائش، أريدك أن تستشهد وأنت تواجه المحتلين”.
عُرف أحمد بانتمائه لحركة حماس منذ صغره حتى يوم استشهاده. ولإن المقاومة والجهاد لاتعرف معنى الفصائل والحركات كان دائم المشاركة مع ألوية مختلفة .. فإحدى المرات شارك الشهيد أيمن الحناوي تحت لواء كتائب القسام ومرة مع الشهيد علاء مفلح تحت لواء كتائب شهداء الأقصى ومرة أخرى مع الشهيد سامح الشنيك تحت لواء سرايا القدس.
وفي 27/10/2002 قامت وحدة خاصة في جيش الاحتلال باغتيال الشهيد أحمد ورفيق دربه الشهيد علاء مفلح بعد يوم حافل بالعمليات الجهادية ضد المحتلين. ويذكر من كان في الموقع من المواطنين أن الشهيد أحمد قاوم ببسالة وأطلق النار من مسدسه باتجاه أحد أفراد الوحدة الخاصة فأصابه إصابة مباشرة في رقبته قبل أن يطلق الجنود النار عليه ويصيبوه. وترك ينزف مع العلم أنه كان بالإمكان إسعافه لولا أن جنود الاحتلال منعوا سيارة الإسعاف من التقدم وأطلقوا عليه النار مرة أخرى لتفيض روحه الطاهرة إلى بارئها.
في هذه الأثناء علمت المجاهدة ‘أم محمد’ عبر وسائل الإعلام بخبر استشهاد صديق ابنها علاء في عملية اغتيال مدبرة، فأدركت بأن ابنها أحمد قد أصيب أو اعتقل على الأقل.. هذا إن لم يستشهد هو الآخر. ولم تعلم بأن ابنها قد استشهد إلا بعد مرور بعض الوقت.
بعد مرور ثلاثة أشهر من استشهاد أحمد، كانت تقول: ” إن أحمد مشغول عني.. إنه لا يأتني في المنام”. لم تكن تعلم أنها إشارات ليكون اللقاء بأحمد قريب.
في صباح الجمعة 24/1/2003، كانت أم محمد وابنها عبد الله وأيمن الحناوي في مهمة جهادية قرب مستعمرة “شافي شمرون” الصهيونية. إلا أن حقد وغدر العدو كان أسرع، فقد نصب كمين على حاجز عسكري عند المدخل الجنوبي لمدينة نابلس.
وبذلك يكون اللقاء أحمد بأمه أم محمد ورفيق العمر الشهيد القسامي أيمن الحناوي الذي كان قد نجا بأعجوبة من محاولة اغتيال التي استشهد فيها أحمد وعلاء. أما عبد الله فقد أصيب بجروح، وتم اعتقاله لدى سلطات الاحتلال.
بعد الإفراج عن جثمانها الطاهر ،تمت مواراة الشهيدة الثرى إلى جانب ابنها الشهيد أحمد .. لتعلو وجنتيها ابتسامة .. لعلّها كانت ابتسامة الفرح بلقاء ابنها ، و كانت مفتحة العينين ، رافعةً أصبع الشهادة .